-->
404
نعتذر , لا نستطيع ايجاد الصفحة المطلوبة
  • العودة الى الصفحة الرئيسية
  • vendredi 30 janvier 2015

    جرائم القتل في القانون الجنائي المغربي الجزء الخامس و الاخير

    جرائم القتل في القانون الجنائي المغربي الجزء الخامس و الاخير

    جرائم القتل في القانون الجنائي المغربي الجزء الخامس و الاخير



    المبحث الثاني : معيار الخطأ في القتل غير العمد وعقوبته
    قبل التطرق إلى عقوبة القتل الخطأ العادية منها والمشددة ( مطلب ثاني ) كان لزاما علينا معرفة الضابط الذي يحدد من خلاله ما إذا كان الجاني قد راعى في تصرفه مقتضيات الحيطة والحذر أولا ( مطلب أول)
    المطلب الأول : معيار الخطأ في القتل غير العمد
    […]
    لا يطرح مبدئيا بالنسبة لحالة مخالفة القوانين والأنظمة ذلك أن المخالفة لهذه الأخيرة تتبت كلما خالف المتابع الواجب الوارد في قانون أو تنظيم صريح، ونحو ذلك مخالفة قوانين المرور حيث لا حاجة بنا في أغلب الحالات للبحث في الذي تستدل به على ما إذا كان المخالف قد ارتكب خطأ أم لا . إلا أن هناك إشكال بخصوص هذه النظم والقوانين وقد تطرقنا إليه في محور صور الخطأ . أما عن القول بوجود خطأ من عدمه فإن أمر تحديده يطرح في الحالات التي تكون فيها الواجبات الملقاة على عاتق الشخص غير محددة صراحة . وفي هذا الصدد فقد ظهر في الفقه معيارين أولهما شخصي ( أولا) والآخر موضوعي ( ثانيا) في جرائم القتل.
    أولا : المعيار الشخصي
    يقوم هذا المعيار في تقدير الخطأ الجنائي على أساس شخصي ذاتي مؤداه أن يقارن السلوك الذي أتاه المتابع في ظروف زمنية ومكانية ونفسية معينة في ضوء السلوك الذي اعتاده بحيث إذا كان هذا السلوك مماثلا لما اعتاده في حياته وفي نفس الظروف التي يراد فيها نسبة الخطأ إليه ( من عدم تبصر أو عدم احتياط أو قلة انتباه ) فإنه لا يعد مخطأ حتى ولو كان سلوكه هذا قد أدى إلى نتيجة خطيرة هي إزهاق روح المجني عليه . أما إذا كان هذا السلوك دون ما اعتاده في حياته وفي نفس الظروف فيكون إذا ذاك قد ارتكب إثر إخــلال له بواجبات الحيطة والحذر ووجب مساءلته جنائيا.
    أما المسؤولية الناشئة عن عمل الغير أو عن الأشياء فهي بطبيعة الحال تخرج عن نطاق هذه القاعدة لأن القانون الجنائي لا تبنا المسؤولية الجنائية فيه إلا على أساس الخطأ الشخصي فلا يجوز مسألة شخص جنائيا عن فعل الغير إلا إذا قام الدليل بصورة إيجابية على ارتكابه الخطأ المرتبط بالنتيجة التي هي الوفاة وعلى هذا الأساس فلا يجوز ان يعتبر الأب مسؤولا عن كل جريمة ارتكبها ابنه القاصر، ولكن يكون مسؤولا مذنبا ويكون ملزم بالتعويض عن الأضرار التي أحدثها الابن .
    هذا المعيار كما هو واضح يؤدي إلى تبرئه مجموعة من المجرمين اللذين اعتادوا في حياتهم قلة الحرص ومعاقبة مجموعة أخرى ممن اعتادوا حياتهم اليقظة والحذر ومجانية الخطأ لذلك نجد القضاء كما الفقه مال إلى المعيار الثانيثانيا : المعيار الموضوعي
    ومفاده أن الحكم على سلوك شخص ما يكون خاطئ ام لا يكون بالنسبة لسلوك شخص مجرد موضوع في نفس ظروف ذلك الذي أتى السلوك المتابع عنه ويكون هذا الشخص معتادا أي مجردا في سلوكه لا هو ميال إلى الخطأ ولا هو أكثر حرصا وحذرا . وإنما رجل من عامة الناس فنكون عملا بهذا المعيار الموضوعي أمام كل سلوك أتاه الجاني دون سلوك الرجل المعتاد من حيث الحرص والحذر والحيطة وفي نفس الظروف مكونا للخطأ في جانبه وبالتالي مؤديا إلى قيام مسؤوليته الجنائية، أما إذا كان سلوكه في نفس الظروف هو نفس السلوك الذي يأتيه الرجل العادي أو أكثر حرصا وانتباها منه فإنه لا يكون والحالة هذه مخطأ والتالي لا محل لمسائلته عن النتيجة الحاصلة ولتوضيح المعيارين السابقين أكثر نمثل بامرأة وهي في سبيل إعداد الطعام تترك طفلها الصغير بجانب الموقد الذي تطبخ عليه فيتصادف أن سقط القدر الذي يحتوي على ماء في حالة غليان شديد بسبب حركة من الطفل فيصاب بحروق شديدة يموت على إثرها. فعملا بالمعيار الشخصي فإن هذه المرأة قد لا تعتبر مخطئة إذا كانت اعتادت في حياتها الخاصة التصرف على هذا النحو في نفس الظروف خصوصا إذا كانت أما لعدة أطفال لم يقع نفس الحادث لأي واحد منهم .
    ولكن عملا بالمعيار الموضوعي فإن هذه المرأة تعتبر مسؤولة عن قتل طفلها خطأ لأن المرأة العادية في نفس الظروف لا تترك طفلها بجانب موقد النار مخافة أن ينقلب عليه شيء بسبب أية حركة طائشة من الطفل .
    ولذلك كان المعيار الموضوعي هو المعيار السليم والذي عليه القضاء وما يميل إليه أغلب الفقه في بلادنا بحيث نجد القضاء المغربي يميل إلى تقدير الخطأ الطبي كحالة من حالات الخطأ تقديرا موضوعيا يأخذ بعين الاعتبار المعطيات والظروف الخارجة التي أحاطت بالطبيب عند مباشرته لعمله . وذلك من خلال تقدير مدى تأثير هاته المعطيات الخاصة على مضمون العناية التي يسند لها طبيب من نفس مستوى هذا الأخير . يقاس سلوكه بسلوك الطبيب المدعى عليه في ضوء الظروف الخارجية التي وجد فيها. وبهذا المعنى جاء في حكم صادر عن محكمة الاستئناف بالرباط بتاريخ 31/3/1989 لا يسأل الطبيب إلا زاد ثبت ثبوتا قطعيا ارتكابه لخطأ يأتيه طبيب يقض من مستواه المهني وجده في نفس الظروف التي أحاطت بالطبيب المتابع
    وفي كل الأحوال فإن محكمة الموضوع ملزمة قانونا أن تشير في حكمها إلى الخطأ الذي ارتكبه المتهم وتربط النتيجة التي حصلت بالخطأ ، لأن المشرع عاقب على هذه الجريمة كلما ” تسبب” الفاعل بخطئه في هذه النتيجة . أما إن هي أغلقت الإشارة إلى وجود الخطأ أو لمدى علاقته بالنتيجة فحكمها يكون قاصرا متعينا نقضه على اعتبار أنه ولو أن مسألة استخلاص وجود الخطأ وعلاقته بالنتيجة أمور تدخل تحت سلطة قاضي الموضوع الذي له أن يستنتجها من الوقائع ومن ظروفها ، فإن ذلك مشروط بأن يكون هذا الاستنتاج منطقيا مقبول أما إن هو أغفل ذلك فالمجلس الأعلى حق الرقابة عليه في هذا الخصوص لأن عنصري الخطأ والعلاقة السببية من مسائل القانون واجب مراقبة محكمة الموضوع في كيفية استخلاصهما واقتناعها بوجودهما والسهر على تطبيقهما تطبيقا حسنا.
    وبهذا نرى أن المعيار الموضوعي انتهى في النهاية إلى معيار مزدوج نسبيا فهو إن كان موضوعيا في أساسه إلا أنه يدخل في اعتباره الظروف الشخصية التي أحاطت بالمتهم وبقدر تصرف الشخص المعتاد على أساسها .
    المطلب الثاني: عقوبة القتل الخطأ
    أدى تزايد عدد حوادث السير التي تنتج عنها خسائر في الأرواح البشرية وأضرار جسمانية ومادية هامة تلحق ضحايا هذه الحوادث إلى جعل المشرع ينص على عقوبات زجرية تتمثل في الغرامات المالية والعقوبات الحبسية العادية والتي تتسم بالشدة في بعض الحالات أو المواقف التي تكشف لدى السائقين مرتكبي الجرائم عن استخفاف تام بالحياة البشرية وطبيعة معادية للمجتمع وهذا هو الغرض من الفصل 434 الذي يطبق إذا توفرت عناصره في جميع الأحوال المنصوص عليها في الفصل 432. أولا : العقوبة في شكلها العادي عاقب المشرع على القاتل خطأ في الحالة العادية بالحبس من ثلاثة أشهر إلى خمس سنوات وغرامة مالية من 250 على 1000درهم وهي جنحة تأديبية . يلاحظ من خلال التخصيص عليها في الفصل 432 من ق ج بأن العقوبة تتكون من الحبس والغرامة معا بحيث لم يترك فيها للقضاء حرية الاختيار بين العقوبة السالبة للحرية والغرامة المالية . وتبدو العقوبة بصورتها هذه خاصة عقوبة الحبس فيها كثير من القسوة خاصة بالنسبة لكثير من طوائف الجناة الذين يرتكبون جرائم القتل غير العمدية كحوادث السير التي يكون الإنسان وتهوره أحيانا نصيب في وقوعها . والواقع هذا ارتأى المشرع المغربي في مناقشته قانون السير الجديد أن يرفع من العقوبة الحبسية لردع السائقين وغيرهم من مستعملي الطرق بغية منه في التقليص من عدد الحوادث التي تخلف سنويا أعداد مهولة من القتلى والجرحى ، إلا أن سياسته هذه لا تلقي استجابة بين الأوساط الحقوقية وأصحاب الدراسات والخبرة في مجال السياسة الجنائية الذين نادوا بإعادة النظر في المنظومة الجنائية كلها، التي أصبحت قاصرة عن مواكبة التحولات العالمية ومتطلبات العصر، بحيث تقوم فكرتهم على التخفيض من العقوبات الحبسية نظرا لما تعرفه السجون المغربية من تكدس في أعداد السجناء من مختلف الجرائم . عكس ما قد تذهب إليه مقاربة المشرع والرفع من أداء الغرامات المالية التي ستساهم وبلا شك في التقليص من الجرائم خاصة التي تهم حوادث السير التي تصنف في جرائم القتل الخطأ من جهة وإلى إغناء الموارد المالية للدولة من جهة ثانية . ثانيا : ظروف التشديد في جريمة القتل الخطأ. ينص الفصل 434 على أنه ” تضاعف العقوبات المقررة في الفصلين السابقين 432-433. إذا كان الجاني قد ارتكب الجنحة وهو في حالة سكر ، وكان قد حاول التخلص من المسؤولية الجنائية أو المدنية التي قد يتعرض لها ، وذلك بفراره عقب وقوع الحادث أو تغيير حالة مكان الجريمة أو بأية وسيلة أخرى” فكما هو ظاهر من الفصل فإن المشرع أمر القاضي بمضاعفة العقوبة عند توافر أسباب اعتبرها من قبيل الظروف المشددة الخاصة بجريمة القتل الخطأ فهذه الظروف يمكن تمييزها إلى نوعين فهي إما ظروف مبنية على حالة الفاعل مرتكب الجنحة وهو في حالة سكر ، أو ظروف مبينة على موقفه اللاحق للحادثة والذي يكشف عن انه يريد التخلص من المسؤولية. فالحالة الأولى، والعبرة فيها هي بتوافر حالة السكر وقت ارتكاب الجريمة ولا يكفي أن يكون المتهم قد تعاطى المادة المسكرة فقط على أن المشرع لم يتطلب في السكر أن يكون بينا كما تشترط ذلك بعض القوانين ، بل تكفي أي درجة من السكر يكون عليها المتهم فحالة السكر أو على الأقل استهلاك كمية كبيرة من الكحول يجب أن يتبنها القانون بالبحث حول ملابسات الحادث بالبحث بواسطة الاختبار المعروف باختبار الكحول بأخذ عينة من الدم وتحليلها حيث إذا استعملت هذه الطرق فإن أي جدال حول نتائجها لن يكون محمل جد. أما إذا لم توجد الوسائل اللازمة أو رفض السائق إجراء تحليل فإن حالته يمكن أن تستنتج من ملاحظات المحققين حول موقفه وصعوبة النطق لديه واضطراب حركاته ورائحة الخمر التي تفوح من نفسه، ويمكن أيضا أن يوجه البحث لمعرفة كيفية استعماله للزمن السابق للحادث أي وقت رد الفعل لديه والمشروبات المختلفة التي تناولها . أما الحالة الثانية وهي الوسائل المختلفة للتخلص من المسؤولية فقد تكون :
    • جنحة الفرار : إلى جانب فرار الجاني للتخلص من المسؤولية يعتبر موقفه مكونا أيضا لجنحة أخرى وهي الإمساك عن تقديم مساعدة لشخص في خطر المنصوص عليها في الفصل 431 من ق ج حيث يقع على النيابة العامة في هذه الحالة إثبات بأن عربة السائق قد تسببت في الحادث وعدم توقفه ومحاولته الفرار وليس ظروريا ان تمس أو تصدم العربة التي تسببت في الحادث العربة الأخرى، وإنما يكفي ان يرتكب سائقها خطأ في السياقة أذى إلى التسبب في الحادث كما لو بهر السائق بأضواء لسيارته أما التوقف بعد الحادث فيجب أن يكون اختياريا أو تكون مدته كافية للتعرف على السيارة وصاحبها أما رجوع الفاعل إلى مكان الحادث بعد أن وبخه ضميره أو بعد إبلاغه الدرك فلا ينقيان عنه تهمة الفرار .
    • خفاء أو تغيير آثار الحادث: يمكن لمرتكب الخطأ لعدم وجود شهود وفي كثير من الأحيان غياب الضحية عن الوعي أو موتها ، أن يقوم بمحاولة تغيير حالة مكان الجريمة وذلك بأن ينقل مثلا الضحية من مكانها ، أو بنقل إحدى السيارتين أو أي وسيلة كإرشاء الشهود أو إخفاء آثار السيارة فكل هذه الأفعال التي قد يقوم بها الجاني لدفع المسؤوليته الجنائية وحتى المدنية عنه، مرهونة بثبوت مسؤولية عن الجريمة بشكل قاطع فإذا انتفت الجريمة انتفى الظرف المشدد تبعا لذلك


    تنص المادة 403 على أنه :” إذا كان الجرح أو الضرب أو غيرهما من وسائل الإيذاء أو العنف قد ارتكب عمدا ولكن دون نية القتل ومع ذلك ترتب عنه الموت فإن العقوبة من عشر إلى عشرين سنة … ”
    إن الفرق بين هذه الجريمة وجريمة القتل العمد وبصورة أدق بين الاغتيال هو أنه إذا كان الضرب والجرح عمديا فإن الفاعل لم يكن قصده قتل المعتدي عليه أو تسبب وفاته بل إن الوفاة […]
    الفصل الثالث : الضرب والجرح المفضي إلى الموت
    […]
    حصلت كنتيجة غير مقصودة من قبل المعتدي عكس ما هو عليه الأمر في جريمة القتل العمد الذي يكون المعتدي قاصدا موت أو إيداء المعتدى عليه . إلا أنه يلاحظ أنه تشترك معها في الأركان التي تتكون منها وهي الركن المادي ( نشاط الجاني النتيجة الإجرامية – علاقة السببية ) والركن المعنوي أو القصد الجنائي الذي هو تعمد الجاني إيذاء إنسان في جسمه أو صحته مع العلم بحقيقة ما يقدم عليه.
    المبحث الأول : أركان جريمة الضرب والجرح المفضي إلى الموت
    المطلب الأول : فعل الإيذاء
    ويكون بالضرب أو الجرح أو العنف أو إعطاء المواد الضارة غير السامة يضاف إليها بالنسبة للطفل الذي لم يبلغ 12 من عمره الحرمان من وسائل التغذية والصحة.
    والخصوصية موضوعنا سوف نقتصر على إعطاء تعريف للضرب والجرح فقط الضرب:
    كل اعتداء لا ينشأ عنه جرح وفيه مساس بسلامة الجسم وقد يترك أثرا كاحمرار الجلد أو الكمدات أو لا يترك أثرا مطلقا ذلك يسمى في اصطلاح القانون ضربا وعلى ذلك فالضرب يدخل فيه كل أثر يحدث بجسم الإنسان ناشئ عن استعمال أداة غير قاطعة كعصا ويوجد الضرب ولو لم يترك وراءه أثرا ظاهرا من كدم أو اختناق أو غيرهما وهو بمعناه الواسع يدخل فيه كل صور الصدم والجدب العنيف والضغط على الأعضاء والخنق وضربة واحدة كافية وقد يكون الضرب بغير استعمال أداة خاصة كاللطم بالكفوف أو بجمع اليد أو الضرب بالقدم
    الجرح : هو تمزيق مادة الجسم وشق أنسجته فالجسم مجموعة من الخلايا متجاورة ومتلاحقة بدقة بالغة والجرح يفصم هذا التلاحم ويبعد ما بين الخلايا والجروح أنواع منها السطحي والعميق ومنها الضيق والعريض وقد يكتفي بشق نسيج الجسم كوخزه بإبرة أو طعنه بسكين وقد يتجاوز ذلك إلى نزع جزء منه كما في التسلخات أو إلى إتلاف كما في الحروق وقد يستأصل عضوا بأكمله كما في البثر وقد يكون الجرح خارجيا وذلك هو المألوف وقد يكون داخليا كالكمدات وتهتك بعض الأعضاء الداخلية كالحجاب الحاجز والكبد والمعدة والأمعاء وليس من شروط الجرح أن ينزف فكسور العظام جراح لأنها تنطوي على خصم وحدتها وفض تلاحمها والأسنان عظام ولذلك يدخل كسرها في باب الجروح .
    وغني عن البيان أن تستوي وسيلة التمزيق فقد تستعمل آلة أو مادة وقد يقتصر الجاني على استعمال أعضاء جسمه كالجرح عن طريق العض أو نشب الأظافر أو مجرد الجذب وقد تكون الآلة قاطعة أو واخزة بل إنها قد تكون تيارا كهربائيا بوصله إلى جسم المجني عليه فيصعقه أو يصيبه بأذى أو حيوانا يسخره الجاني لذلك ، المهم أن يتحقق موت المعتدي عليه ولو تحقق هذا الموت بعض الوقت يكفي أن يكون الضرب والجرح سببا في هذا الموت وحتى ولو كانت الوفاة ناشئة عن مضاعفة شريطة أن تكون المضاعفة ناشئة بدورها مباشرة عن الجروح أما إذا لم يمت فلا تنطبق عليه أحكام هذه الفضول مهما تكن إصابته شديدة .

    المطلب الثاني : العمد الجنائي
    أي انصراف إرادة الفاعل إلى ارتكاب الجريمة على ما عرفها القانون، والاتفاق عام على أن العمد يكفي ولذلك لا يشترط توفر القصد الخاص المطلوب توفره في القتل العمد. لذلك يعاقب إذا كان يعلم أن ضربه أو فعله يهدف المساس بسلامة المجني عليه فأقدم مختارا وهذه المعرفة هي النية أي العمد الجنائي كذلك إذا قام الفاعل بالنشاط المؤدي عن قصد إلا أنه لم يستهدف المساس بسلامة جسم إنسان أو صحته ونحو ذلك أن يقذف شخص طائرا أو حيوانا بحجر ظنا منه أنه لا أحد في المكان الذي يتواجد به الطائر أو الحيوان لكن يتصادف بوجود إنسان فيه فيجرحه او يقتله فلا يمكن القول في هذه الحالة ولا في سابقتها أن الفاعل قد ارتكب جريمة إيذاء عمدية وذلك لان الركن المعنوي لهذه الأخيرة غير قائم لغياب القصد الجنائي عند الفاعل أصلا لأنه في المثال الأول قام بالنشاط المؤدي بدون قصد بأن لم يوجه إرادته لإتيانه وفي المثال الثاني قام بالنشاط المؤدي عن قصد لكنه لم يوجه هذا القصاص إلى المساس بسلامة شخص ما في جسمه أو صحته ومع ذلك يمكن القول في الحالتين أنه ولو امتنعت مساءلة المتابع عن جريمة إيذاء عمدية فإنه من المحتمل مسائلته عن جريمة إيذاء غير عمدية في صورة القتل أو الإصابة خطأ إذا ثبت عليه عدم التبصر أو عدم الاحتياط أو عدم الانتباه .

    المطلب الثالث : العلاقة السببية
    الركن الأخير في الجريمة المعاقب عليها في المادة 403 ق ج هو ثبوت العلاقة السببية بين أعمال العنف والإيذاء الصادر من المتهم وبين الموت. وتطبق هنا القواعد العامة المتعلقة بالعلاقة السببية بين نشاط الجاني والنتيجة الإجرامية في الجرائم المادية بصفة عامة بما في ذلك النظريات الفقهية المختلفة حول تأثير او عدم تأثير الأسباب الأجنبية التي تؤدي مع نشاط الجاني إلى حدوث نتائج اكثر خطورة لم تكن لتحدث بذلك النشاط لمفرده . كما جاء في قرار المجلس الأعلى. عند ما ذكرت المحكمة أن ” الحاج محمد صرح بأنه كان يلتقط حبوب اللوز مع ابنه محمد ففاجأ الضحية فضول وأخوه مصطفى وكان الضحية حاملا خنجرا فتضارب الحاج محمد مع الضحية وألحق الأول الحاج محمد بالثاني فضول ضربتين الأول من قفاه والثانية من ظهره سقط على الأرض إثرهما أغمي عليه ومن ثمة حمل على مستشفى تارودانت حيث بقي فيه ستة أيام توفي بعدها فيه …. ” تكون قد عللت حكمها بما فيه الكفاية من الناحيتين الواقعية والقانونية وأبرزت بكيفية واضحة العلاقة السببية بين الجروح التي أصيب بها المجني عليه والموت الناتج عن ذلك .
    ومتى وجدت الإرادة ووجد العمد عوقب الفاعل دون النظر إلى الاعتبارات الأخرى فلو ضربه للانتقام منه أو ضربه ممازحا او مفاخرا أو مصارعا او هو يؤدي تأديبه وإصلاحه فإنه يعاقب على فعله . وقد استقر الاجتهاد على أن المحكمة غير ملزمة بأن تتحدث عن العمد الجنائي بصورة مستقلة لدى المتهم بل يكفي أن يكون هذا العمد مستفادا من وقائع الدعوى كما جاء واردا في القرار الصادر عن المجلس الأعلى الذي جاء فيه ما يلي :” إن التعبير بأن المتهم ضرب وجرح ابنه بمطرقة من حديد قصدا تأديبه يفيد حتما قيام القرائن الكافية على أن هذا الفعل الإيجابي من قبل المتهم صدر على وجه العمد مما يكون معه تكييف الجريمة المتابع عنها بأنها جريمة الضرب والجرح المفضيين إلى الموت بدون نية القتل تكييفا صحيحا . وبما أنه لا مقاصة في القضاء الجنائي فإن تضارب شخصين لا يزيل عنهما المسؤولية وإنما يعاقبان غير أن النصوص القانونية تطبق إذا وجدت كما لو أن هناك أو ممارسة لحق الدفاع الشرعي والقاضي هو الذي يقدر عندئذ الوقائع كما جاء في القرار الصادر عن المجلس الأعلى :” حيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن سجل مستنتجات العارض ودفاعه ( بكونه ضرب الضحية بالخنجر الذي كان يحمله في بطنه بعدما أشبعه هذا الأخير شتما وضربا بالمجرفة التي كانت بيده إلى رأسه الأمر الذي شعر معه بالخطر فضرب عندئذ الضحية … دفاعا عن نفسه ) اقتصر على مجرد القول ( وحيث أن المحكمة ثبت لديها عناصر الضرب والجرح المفضيين إلى الموت دون نية القتل) وذلك دون أية إشارة أو جواب عن مستنتجات العارض الذي يجعل حكمها فاقدا لكل تعليل .
    وهناك حالات أجاز فيها المشرع الإيذاء كمزاولة مهنة الجراحة والألعاب الرياضية وتأديب الأب أولاده غير أنه إذا تجاوز الفاعل الحدود التي يبيحها له القانون فإنه يسأل جنائيا.
    وطبيعي أن ينتفي القصد الجنائي كلما حصل النشاط المؤدي بدون تعدد والأمثلة على ذلك كثيرة ونحوها أن يحمل شخص حجارة للبناء على متن شاحنة وأثناء سيرها على الطريق تسقط إحداهن على شخص فتجرحه كما ينتفي القصد ويتبادر إلى الذهن سؤال هام نرى أن نطرحه وهو أن الفاعل إذا ضرب ضحيته فجرحه وصفه الطبيب الشرعي الوصف الذي يراه مناسبا ولو حق الفاعل أمام المحكمة وحوكم وبعد أن أصبح الحكم مبرما توفي المضروب متأثرا بجروحه فهل تجوز محاكمة الفاعل مرة ثانية ؟ أم أن الحكم أصبح مبرما وحقا مكتسبا له ؟
    القانون المغربي ساكت وكذلك القانون المصري والقانون الفرنسي واجتهاد هاذين البلدين الأخيرين ثابت على أنه لا يجوز إعادة المحاكمة مرة ثانية احتراما للقضية المبرمة ونظن ان هذا ما يجب السير عليه في المغرب لتشابه النصوص لذلك يستحسن بالمحكمة ألا تعجل في الفصل في الدعوى تحسبا مما يحدث للجروح. ولكن المشرع السوري واللبناني وبعض التشريعات الأجنبية أوجدت حلا معقولا للمسألة فنصت على أنه إذا أصبح الفعل قابلا لوصف أشد جازت ملاحقة الفاعل من جديد .
    ونحن نتفق مع الأستاذ الخمليشي الذي يرى بأنه لا يحق للنيابة العامة أن تتابع المتهم بعد تفاقم النتائج بالوصف الجديد الذي تحقق بعد صدور الحكم ويؤخذ ذلك من المادة 351 من المسطرة الجنائية التي تنص على أن :” كل شخص أبرأت ساحته أو حكم بإعفائه لا يمكن أن يتابع بعد ذلك من أجل نفس الوقائع ولو اتصفت بصفة قانونية أخرى” وإذا امتنعت إعادة المتابعة في حالة الحكم بالبراءة أو الإعفاء فإن نفس الحكم سري بالأولوية في حالة الحكم بالإدانة لأن إعادة المحاكمة في هذه الحالة الأخيرة يؤدي إلى عقاب المتهم مرتين على فعل واحد وهي نتيجة غير مقبولة قطعا يتبين من هذا أن الحكم يعتبر قرينة قانونية قاطعة بالنسبة لتكييف جرائم الضرب والجرح وما يترتب عنها من نتائج للضحية ولذلك ينبغي للمحكمة أن لا تصدر الحكم إلا بعد أن تتأكد من النتائج النهائية للإصابة التي تعرض لها الضحية تفاديا لما يترتب عن حدوث تغير في تلك النتائج فيما بعد
    يلاحظ أن المشرع عند خلعه للوصف الجنائي على جرائم الإيذاء العمدية والعقاب عنها قد اعتد بالنتيجة التي تترتب عن النشاط المؤدي الصادر من الفاعل وأهميته ومن ثم فقد اعتبر بعض هذه الجرائم مكونة لجناية من الجنايات والبعض الآخر مكونا لجنحة من الجنح في حين اعتبر بعضها مشكل لمخالفة فقط هذا من حيث الوصف الجنائي أما من حيث العقاب فيلاحظ أنه اخذ بعين الاعتبار الظروف التي قد تلابس ارتكاب مختلف هذه الجرائم فشدد العقاب أو خففه بحسب هذه الظروف.
    إلا أن الملاحظ كذلك هو أن الظروف […]
    المبحث الثاني : العقوبة والأعذار المخففة والظروف المشددة لجريمة الضرب والجرح المفضي إلى الموت .
    […] 
    المشددة تتعلق بكل جريمة على حدة في حين أن أسباب التخفيف تنطبق على كل هذه الجرائم بدون تمييز ولخصوصية موضوعنا سوف نتطرق لعقوبة جريمة الضرب والجرح المفضي للموت وأسباب التخفيف و ظروف التشديد الخاصة بها.
    المطلب الأول : العقوبة وظروف التشديد
    جاء في المادة 403 من القانون الجنائي ” إذا كان الجرح أو الضرب أو غيرهما من وسائل الإيذاء أو العنف قد ارتكب عمدا ولكن دون نية القتل ومع ذلك ترتب عنه الموت فإن العقوبة تكون السجن من عشرة إلى عشرين سنة … “
    وفي حالة سبق الإصرار والترصد أو استعمال السلاح تكون العقوبة السجن المؤبد ” .
    يتضح من خلال ما سبق أن المشرع عاقب على هذه الجريمة بالسجن من عشر سنوات إلى عشرين سنة لكنه عاقبها بعقوبة القتل البسيط-وهي السجن المؤبد- إذا توفر سبق الإصرار والترصد او استعمال السلاح هذا إذا كان الجان ليس فرعا للمجني عليه أما إذا كان فرعا له فإن عقوبة الجريمة في حالتها العادية هي السجن من عشرين إلى ثلاثين سنة أما إن هي اقتربت بسبق الإصرار أو الترصد أو استعمال السلاح فتكون العقوبة هي السجن المؤبد ونجد أن سبق الإصرار والترصد ظروف راجعة إلى خطورة الجاني وقد نصت على اعتبارهما ظرفين مشددين في جرائم الضرب والجرح وباقي وسائل الإيذاء المواد 400و401 و402 و403 و404 التي تضمنت كيفية رفع العقوبة فيها عند توفر أحدهما وهناك ظروف راجعة إلى صفة في الجاني ونصادف من بين هذه الحالات صفة موظف عمومي فقد نصت المادة 231 على أن ” كل قاض او موظف عمومي أو أحد رجال أو موظفي السلطة أو القوة العمومية …” وصفة كون الجاني أصلا للمجني عليه أو له سلطة عليه أو مكلفا برعايته في رب أسرة على أشخاص فأجاهم بمنزله وهم في حالة اتصال جنسي غير مشروع ” إن العذر في هذه الحالة مقرر بسبب الاستفزاز الذي تحدثه الجريمة المرتكبة داخل المنزل العائلي بالإضافة إلى الدفاع عن سمعة العائلة .
    ونحن نساير ما ذهب إليه الأستاذ الخمليشي الذي يرى بأن تخصيصه برئيس العائلة بيد ومجرد تقليد من القانون المغربي فهل الأخ مثلا إذا فاجأ ( أخته متلبسة بجريمة عرض داخل المنزل يختلف انفعاله وحقه في الدفاع عن سمعته العائلة بحسب ما إذا كان هو رئيس العائلة أو إذا كان أبوه ما يزال هو رئيس العائلة ؟
    ولقيام هذا العذر يجب أن يتحقق عنصر المفاجأة لديه بأن كان لا يتوقع ما رآه إطلاقا وأن يرتكب الجريمة حال مباغتته بما رأى أما إذا لم يرتكبها إلا بعد انتهاء المفاجأة وهدوء أعصابه فإن حالة الاستفزاز التي تتولد عادة عن هول المفاجأة وهدوء أعصابه فإن العذر غير قائم في حقه .
    ولقد سبق أن تطرقنا بتفصيل لمجموعة هذه الشروط عند دراستنا للأعذار المخففة لجريمة القتل العمدية.
    وهناك عذر آخر نص عليه المشرع في المادة 421 من ق ج الذي جاء فيه :” يتوفر عذر مخفف للعقوبة في جرائم الضرب والجرح إذا ارتكبت ضد شخص بالغ عند مفاجأته متلبسا بهتك عرض بعنف أو دون عنف على طفل دون الثانية عشر … ”
    والواقع أن مرتكب الجرح أو الضرب في هذه الصورة يكون في حالة دفاع شرعي لأن وجود العنف أو صغر الضحية الذي يكون هتك العرض خطرا على سلامته تتحقق معه حالة الدفاع عن النفس .
    ولعل المشرع قصد حالة هتك العرض بدون إحداث جروح أو آفات جسيمة فتكون الجريمة المتلبس بها مجرد هتك عرض والقانون لا يقرر الدفاع الشرعي إلا أنه إذا كان مرفقا بعنف أو كان يشكل خطرا على السلامة الجسمية أو الصحية للضحية فإن الدفاع يكون ذاك على النفس وليس على العرض بمفرده . ونلاحظ أن المشرع اشترط في الشخص المضبوط أي المعتدى عليه بالضرب أو الجرح بالغا وكلمة البلوغ هذه التي أتى بها النص جاءت مطلقة ويمكن الاختلاف حول المقصود منها أهو البلوغ الجنسي؟ أو النضج العقلي ؟ أو ضرورة بلوغه السن التي تجعله مسؤولا جنائيا؟ في جرائم الضرب والجرح أو الحرمان من التغذية او العناية المرتكبة ضد طفل يقل عمره عن 12 سنة ( م 411) ، وصفة كون الجاني أحد أصول المجني عليه أو فروعه فقد نص المشرع على ذلك في المادة 296 :” من قتل أصوله عمدا يعاقب بالإعدام ” أو زوجه او المستحق في ميراثه أو من له سلطة عليه أو المكلف برعايته إذا كانت وسيلة الاعتداء مادة ضارة بالصحة ( م 414) . وصفة كون الجاني أصلا للمجني عليه أو له سلطة عليه أو مكلفا برعايته في جرائم الترك أو التعريض للخطر المرتكبة ضد الأطفال العاجزين عن حماية أنفسهم بسبب حالتهم الجسمية او العقلية ( م 460 و 462 ) وهناك أيضا ظروف راجعة إلى وسيلة الإيذاء ولقد عرفت المادة 303 من القانون الجنائي السلاح كما يلي: ” يعد سلاحا في تطبيق هذا القانون جميع الأسلحة النارية والمتفجرات وجميع الأجهزة والأدوات والأشياء والواخزة او الراضة او القاطعة إلا أن الخناجر المستعلمة للزينة سواء سميت خناجر أو كميات معلقة في حمالة وكذلك سكاكين ومقصات الجيب والعصي فإنها لا تعتبر سلاحا إلا إذا استعملت القتل أو الجرح أو الضرب أو التهديد” . ويلاحظ من الناحية العملية أن النيابة العامة كثيرا ما تتجاوز عن المتابعة بظرف استعمال السلاح إذا كانت الأداة المستعلمة ليست سلاحا ناريا او أداة قاطعة مثل الحجر العصي وما ماثلهما .
    المطلب الثاني : الأعذار المخففة
    تعرض القانون الجنائي في المواد من 416 إلى 421 لحالات من الأعذار القانونية المخففة في جرائم الضرب والجرح.
    والملاحظ أن أغلب هاته الحالات تشترك مع الأعذار المخففة للعقوبات في جرائم القتل العمدية وقد تعرضنا لثلاث حالات منها عند الكلام على جريمة القتل وهي المنصوص عليها في المواد 416 و 417 و 418 تتضمن حالات الجرح أو الضرب المرتكب في حالة الاستفزاز . او لدفع تسلق أو كسر نهارا أو الذي يرتكبه الزوج أثناء مفاجأته لزوجته متلبسة بجريمة الخيانة الزوجية.
    وبالإضافة إلى ذلك نصت المادة 420 على توفر العذر المخفض للعقوبة ” جرائم الجرح والضرب دون نية القتل حتى ولو نشأ عنها الموت إذا ارتكبها ونحن نتفق مع الأستاذ أبو الفتوح الذي يرى أنه من غير المعقول اعتبارها تعني سن المساءلة الجنائية على أساس أن ما لحقه ليس عقوبة تطاله ويرى أن الأولى اعتبار المقصود من كلمة ( البلوغ) هو البلوغ الجنسي .
    ورغم أن المشرع اشترط أن يقع هتك العرض على الطفل فإن العذر يتوفر أيضا إذا وقع الهتك على طفلة أنثى سنها أقل من 12 سنة وكذلك ورغم تعبير المشرع عن الهاتك للعرض بكلمة ” شخص” مما يوحي بأنه يجب أن يكون ذكرا فإن المضبوط متلبسا بجريمة الهتك يمكن أن تكون امرأة بالغة وإن كان الغالب عملا أن يكون رجلا .
    وأخيرا تجب الإشارة إلى أنه لكي يتوفر هذا العذر المخفف يجب أن تكون سن المهتوك عرضه أقل من 12 سنة سواء كان الهتك للعرض بالعنف او بدونه أما إذا كانت سنه اكثر من 12 سنة فإن العذر لا يقوم إلا إذا ترافق مع العنف .
    بقيت الإشارة في الأخير إلى انه في حالة توافر أحد الأعذار القانونية السابقة فإن العقوبة تخفض في جريمة الضرب والجرح المفضي إلى الموت من سنة إلى خمس سنوات في الجنايات المعاقب عليها بالإعدام او السجن المؤبد .
    وجدير بالتنبيه إلى أن الأعذار القانونية التي تستوجب تخفيض العقوبة قررها المشرع حالة الاستفزاز التي تتولد لدى الحاصلة له عندما يرتكب الإيذاء بوسيلتين هما الجرح أو الضرب دون غيرهما من صور الإيذاء ، ومن ثم فلا يعتبر معذورا ولو جزئيا بأحد الأعذار السابقة وفي الحدود التي تقررها ومن يعطي موادا ضارة بالصحة للمجني عليه أو يحبسه في أحد الأماكن ويمارس التعذيب النفسي عليه لأن هذا النوع من الإيذاء يرتكب عن إصرار ويعد انتقاما لا يجوز أن يكون موته معذورا عنه قانونيا، ولأن المشرع لما عذر عن واقعة الجرح والضرب فإنما ذلك كان مراعاة منه لحالة الجاني النفسية المضطربة بسحب حالة الاستفزاز التي تولدت لديه وعلى كل حال فإن توافر العذر القانوني المخفف للعقوبة يلزم معه وجوب الحكم بعقوبة جنحية بذل العقوبة الجنائية ومع ذلك فإن جناية الإيذاء العمدية المعتبرة قانون جناية لا يتغير وضعها بسبب تخفيف العقاب بالوجود عذر مخفض بل تظل مع ذلك جناية عملا بالمادة 112 التي تقرر بأن نوع الجريمة لا يتغير إذا حكم بعقوبة متعلقة بنوع أخر من أنواع الجرائم بسبب تخفيف أو لحالة عود ويترتب عما سبق أن يبقى الاختصاص معقود للغرفة الجنائية بمحكمة الاستئناف وليس للمحكمة الابتدائية كما يجوز للمحكمة أن تحكم بالمنع من الإقامة على الجاني من خمس سنوات إلى عشر إلا أن استبدال المشرع لعقوبة جنائية الإيذاء العمدي بعقوبة جنحية تترتب عنها بعض النتائج ، ومن أهمها أن الغرفة الجنائية يمكن أن تأمر بوقف تنفيذها ( طبقا للمادة 55 ف ج ) كما أن النزول بالعقوبة إذا أن المحكمة تمتع المتابع بظروف التخفيف القضائية – يسري عليه الفصل 149 ق ج الخاص بالعقوبات الجنحية وليس الفصل 147 الذي ينظم كيفية النزول بالعقوبة في الجنايات .
    ولما كانت جريمة القتل من أخطر الجرائم وأشنعها على الإطلاق فإن التحسيس بخطورتها ورصد أسبابها والعوامل المؤدية إليها ينطوي على فائدة علمية وعملية لا جدال فيها . ومما يستدعي الموضوع من بحث وتقصي ودراسة تبين لنا أن جرائم القتل هي نتاج عوامل متعددة ترجع بالأساس إلى عوامل اجتماعية واقتصادية.
    فالعوامل الاجتماعية تتمثل في الظروف التي تحيط بالشخص مند فجر حياته وتتعلق بعلاقاته بغيره من الناس في جميع مراحل حياته وارتباطه بهم بنوع وثيق من الروابط مؤثر في سلوكه إلى حد بعيد.
    أما العوامل الاقتصادية فهي كذلك تشكل أحد العوامل التي تدفع البعض إلى ارتكاب الجريمة بحيث كثيرا ما يكون العامل الاقتصادي دافعا إلى ارتكاب جرائم الاعتداء على الأشخاص وتفسير ذلك أن الذائقة المالية التي يعاني منها بعض الناس يترتب عليها توتر الشخص وقلقه من المستقبل الأمر الذي يدفعه إلى ارتكاب الجريمة نتيجة الحاجة وهذه الحاجة راجعة بالأساس إلى عاملين أساسيين هما الفقر والحرمان والبطالة وهو ما ينعكس سلبا على سياسات الدولة بخصوص محاربة الجريمة إذ ينتج من هذه العوامل ارتفاع في عدد المسجونين إثر قيامهم بأعمال مخالفة للقانون ومما يؤثر على القذرة الاستيعابية للسجون . فقد أشار آخر تقرير سنوي حول وضعية السجون بالمغرب لسنة 2003 إلى الأعداد المهولة للسجناء المتابعين بجرائم الاعتداء على الأشخاص والملاحظ من خلالها أن نسبة الذكور تفوق نسبة الإناث


    جدول رقم 1 : توزيع المعتقلين البالغين من العمر أقل من 20 سنة الوافدين من حالة سراح على المؤسسات السجنية حسب نوع الجريمة خلال سنة 2003.
    statistics1.jpg
    جدول رقم 2 : تصنيف المعتقلين البالغين من العمر 20 سنة فما فوق والمحكومين بصفة نهائية حسب نوع الجريمة والسن بتاريخ 31-12-2003.
    statistiques-prison-maroc-1.jpg
    جدول رقم 3 : تصنيف المعتقلين حسب مدة العقوبة والحبس بتاريخ 31-12-2003.

    وضعية السجون بالمغرب
    المصدر: التقرير السنوي حول وضعية السجون بالمغرب 2003.
    بيانات الجداول أعلاه :
    الفئة العمرية والجنس
    نوع الجريمة
    المتابعة من أجلها من 12 سنة إلى أقل من 16 سنة من 16 سنة إلى أقل من 18 سنة من 18 سنة إلى أقل من 20 سنة
    إناث ذكور إناث ذكور إناث ذكور
    القتل العمد – 13 – 104 5 139
    القتل الخطأ – 3 – 20 – 38
    الضرب والجرح المضي إلى الموت 2 15 2 63 1 140
    محاولة القتل – 27 – 59 – 85
    المجموع 2 58 2 246 6 402الفئات العمرية والجنس
    أنواع الجرائم من 20- 24 سنة من 25- 34 سنة من 35- 39 سنة من 40- 49 سنة من 50- 59 سنة من 60 فما فوق المجموع النسبة المئوية %
    إناث ذكور إناث ذكور إناث ذكور إناث ذكور إناث ذكور إناث ذكور إناث ذكور
    جرائم الاعتداء على الأشخاص 24 851 74 1872 45 919 29 985 32 387 3 123 207 5137 22,91%
    جرائم الاعتداء على الأموال 23 1717 33 2651 20 783 29 661 9 236 2 59 116 6107 26,67%
    جرائم ضد نضام الأسرة والأخلاق العامة 19 335 37 600 11 246 12 204 3 51 1 7 83 1443 6,54%
    جرائم الإخلال بالأمن العام 7 620 4 799 1 323 3 259 3 142 0 20 18 2163 9,35%
    جرائم القوانين الخاصة 32 1234 35 2865 22 1164 22 922 8 258 0 56 119 6499 28,37%
    جرائم أخرى 14 287 16 453 11 270 22 216 4 111 2 32 69 1369 6,16%
    المجموع 119 5044 199 9240 110 3705 117 3247 59 1185 8 297 612 22718 100.00
    المجموع العام 5163 9439 3815 3364 1244 305 23330
    النسبة المئوية % 22,13 40,46 16.35 14.42 5.33 1.31 100.00
    مدة العقوبة إلى غاية شهر واحد أكثر من 1 إلى 6 أشهر أكثر من 6 إلى سنتين أكثر من 2 إلى 5 سنوات أكثر من 5 إلى 10 سنوات أكثر من 10إلى 30 سنة المؤبد الإعدام الإيداع بمؤسسة العلاج المجموع المجموع العام
    الجنس إناث ذكور إناث ذكور إناث ذكور إناث ذكور إناث ذكور إناث ذكور إناث ذكور إناث ذكور إناث ذكور إناث ذكور
    المجموع 24 653 135 3449 223 9263 87 5689 80 2787 100 3001 25 608 8 70 0 1 682 25521 26203
    المجموع العام 677 3584 9486 5776 2867 3101 633 78 1 26203
    المجموع 2002 30239
    المجموع 2003 26203
    معدل التغيير % -13,35
    خاتمة
    لعلنا بتعرضنا لموضوع جرائم القتل في القانون الجنائي المغربي بأنواعها الثلاثة نطاق التحليل، نكون قد أسهمنا ولو بجزء بسيط في الكشف عن بعض الجوانب المهمة التي تنطوي عليها جريمة القتل نظرا لما تعرفه هذه الظاهرة الاجتماعية من اهتمام كبير من طرف الباحثين من أجل إيجاد نظم وسبل كفيلة بمكافحتها بغية التقليل من حدثها وخطورتها لا سيما مع تنامي المشاكل الاجتماعية وتأزم الأوضاع الاقتصادية والسياسية .
    ومن ثم حاولنا في بحثنا بمعية من إرشادات أستاذنا بالتطرق إلى جريمة القتل العمد في حالاتها العادية التي تشكل ذروة الإجرام نظرا لما تمثله من استخفاف بحياة الآخرين و إهدار بحقهم في الحياة وبالتالي فلا جدال في خطورة هذه الجريمة وتهديدها للكيان الفردي والاجتماعي وجريمة القتل الخطأ وما تشتمل عليه من صور لا تقل عن نظيراتها في القتل العمد والتي تبقى من أهم الجرائم انتشارا في عصرنا الراهن نظرا للتقدم التكنولوجي وتعقد مجالات الحياة .
    وأخيرا جريمة الضرب والجرح المفضي إلى الموت دون نية القتل وهي كذلك من جرائم الإيذاء التي تمس حياة الإنسان.
    كل هذا استدعى منا وقفة تأمل لبحث الظاهرة الإجرامية بكل جوانبها والكشف عن صورها وإعطاء صورة واضحة لجريمة القتل في التشريع المغربي وهذا ما حاولنا تسليط بعض الضوء عليه من خلال تناولنا لهذه الجرائم الماسة بالأشخاص وإن كان الفقه والمهتمين قد أولوها اهتماما وأفردت لها التشريعات نصوصا لتحريمها فإننا نرى أن هذه الجرائم لا زالت تستدعي مزيدا من العناية والاهتمام سواء من جانب المشرع أو الفقه أو القضاء على السواء .
    فمن واجب المشرع تخصيص أكثر من نص قانوني لتنظيم هذه الجرائم بشكل يسهل معه للقاضي وللمهتم تحديد بؤر الخلاف والشك بدل الاقتصار على نص أو نصين جاءا بصيغة عامة فمثلا جرائم القتل الخطأ أفرد لها المشرع نص ق 432 من القانون الجنائي لم يبين في مفهوم الخطأ مكتفيا بالإشارة إلى بعض صوره والتي لم تعد تساير بعض الحالات العملية المعقدة
    لائحة بأهم المراجع
    رؤوف عبيد – السببية الجنائية طبعة 1959
    حومد عبد الوهاب القانون الجنائي المغربي – القسم الخاص – طبعة 1968
    نجيب حسني – القسم الخاص – الطبعة 1972
    أبو المعا طي أبو الفتوح – القانون الجنائي المغربي – القسم الخاص – طبعة 1983
    أحمد الخمليشي – شرح القانون الجنائي الخاص، الجزء الثاني – الطبعة الثانية 1986.
    أدولف ريولط – القانون الجنائي في شروح – دار النشر المعرفة – 1990
    حسن صادق المرصفاوي – شرح قانون الجزاء الكويتي – القسم الخاص – طبعة منشأة المعارف 1995
    مبارك السعيد بلقا ئد – القانون الجنائي الخاص – الرباط 2000.
    عبد الواحد العلمي – القانون الجنائي المغربي – الطبعة الثانية 2000.
    عبد الحفيظ بلقاضي – القسم الخاص – طبعة 2003.
    محمد أحذاف – علم الإجرام – الطبعة الثالثة 2004.
    محمد الفاضل – الجرائم الواقعة على الأشخاص – الطبعة الرابعة

    المجلات :
    مجلة القضاء عدد 28 ص 23
    مجلة الأمن الوطني عدد 212
    مجلة الأمن الوطني عدد 214
    مجلة قرارات المجلس الأعلى المادة الجنائية
    مجلة رسالة المحاماة عدد 8 أبريل 1991
    مجلة الملف : 8388 /87 ق م ع .
    الجرائد :
    جريدة العلم عدد 17109 بتاريخ 1 مارس 1997 مقال 1196 قتيل في حرب الطرق المغربية
    التقارير :
    تقرير سنوي حول وضعية السجون بالمغرب لسنة 2003.




    .

    هذا النص هو مثال لنص يمكن أن يستبدل في نفس المساحة، لقد تم توليد هذا النص من مولد النص العربى، حيث يمكنك أن تولد مثل هذا النص أو العديد من النصوص الأخرى إضافة إلى زيادة عدد الحروف التى يولدها التطبيق

    الكاتب : yassirrrr

    Aucun commentaire:

    Enregistrer un commentaire

    جميع الحقوق محفوظة ل MarocDroit Avocat
    تصميم : Abdo Hegazy