-->
404
نعتذر , لا نستطيع ايجاد الصفحة المطلوبة
  • العودة الى الصفحة الرئيسية
  • dimanche 18 décembre 2016

    نشأة مبدأ قرينة البراءة وتطوره

    نشأة مبدأ قرينة البراءة وتطوره

    نشأة مبدأ قرينة البراءة وتطوره


    الفصل التمهيدي : مفهوم قرينة البراءة لدى القضاء الجنائي
    تقديم : استهل المشرع المغربي( ) قانون المسطرة الجنائية بإقرار مبدأين هامين تدعيما للمسار الحقوقي الذي تنهجه الدولة مع مطلع القرن الواحد والعشرين وسيرا باحتكاك مع المسار الديموقراطي الذي يعرفه العالم، إلى إقرار قرينة البراءة وتفسير الشك لفائدة المتهم كمبدأين راسخين لضمان المحاكمة العادلة.
    وقد جاءت عبارة المشرع قوية وصارمة( ) –توحي ببراءة المنهج- في إرادة منه للتعبير على أن إقراره للمبدأين ليس لمجرد إظهار براءة النهج في التعامل مع إنسانية الضنين- الفصل الأول من قانون المسطرة الجنائية وإنما لوضع الإطار لتطبيق القواعد الإجرائية للمحاكمة الجنائية.
    المطلب الأول: ماهية المبدأ
    *تعريف المبدأ
    بالرجوع إلى مقتضيات القانون الجنائي المغربي نجد أن المشرع المغربي لم يعرف البراءة كمبدأ يجب الاستناد إليه بحيث لم يعتمد لها نص صريح مما جعلنا نعرج نحو الفقه الجنائي كما العادة بحيث لا يوجد اختلاف فيها يخص تعريف المبدء، ومن تم جاءت تعريفاتهم متشابهة أو مماثلة وذلك بحسب ما يلي فقد عرفها جانب من الفقه بقوله «أصل البراءة هو أن لا يجازي الفرد عن الفعل استند عليه عالم يصدر ضده حكما بالعقوبة من جهة ذات ولاية قانونية»( ).
    وهذا التعريف معيب لأنه قصر مفعول البراءة على عدم المجازاة عن الفعل كعقوبة وجزاء. غافلا أن أصل البراءة أوسع من ذلك بحيث سيشمل العقوبة كما يشمل الإجراء، ويشمل القاضي كما يشمل سلطة المتابعة «النيابة العامة» والتحقيق «قاضي التحقيق» والضابطة القضائية لأن أصل البراءة يستلزم عدم المساس بالحرية الفردية في أية مرحلة من مراحل الدعوى، كما يستلزم عدم توقيع الجزاءات إلا بعد صدور حكم من جهة قضائية مختصة وصيرورة ذلك الحكم النهائي بات، لا مجرد صدور الحكم كما يفهم من التعريف السابق.
    وعرفه جانب آخر من الفقه بالقول «أن مقتضى أصل البراءة أن كل شخص متهم بجريمة مهما بلغت جسامتها، يجب معاملته بوصفه شخصا بريئا حتى تثبت إدانته بحكم قضائي بات».
    وهذا التعريف يؤاخذ عليه هو الآخر بحيث يختلف عن الأول من حيث الشمول إذ أتى بالمعاملة بدل المجازاة والمعاملة تنصرف إلى جميع مراحل الدعوى، ورغم هذا الوضع إلى أن هذا التعريف أخذ عليه أنه خص المتهم دون غيره عن بقية الأشخاص.
    وعرفه جانب آخر من الفقه بقوله «مؤدى قرينة البراءة أن يعامل المتهم مهما كانت جسامة الجريمة التي نسبت إليه على أنه بريء حتى تثبت إدانته بحكم قضائي وفقا للضمانات التي يقررها القانون».
    وقد عيب على هذا التعريف أيضا أنه خص المتهم دون بقية الأشخاص، ذلك أن حق البراءة حق الأشخاص وليس المتهم وحده، أما التعريف الذي يراه جانب من الفقهاء أنه هو الراجح فهو القائل «أصل البراءة يعني معاملة الأشخاص مشتبها فيه كان أم متهما –في جميع مراحل الإجراءات ومهما كانت جسامة الجريمة التي نسبت إليه، على أنه بريء حتى تثبت إدانته بحكم قضائي بات وفقا لضمانات التي قررها القانون للأشخاص في هذه المرحلة».
    في اعتقادنا أن هذا هو التعريف الذي يميل إلى ترسيخ العدالة الجنائية في تحقيق الموازنة القانونية لتفعيل القانون الجنائي وترسيخ مبدأ براءة المتهم كأصل.
    المطلب الثاني: نشأة المبدأ وتطوره
    أ- نشأة المبدء وتطوره (النصوص والصكوك الدولية لقرينة البراءة)
    نظرا للتطور الذي عرفته المجتمعات في ترسيخ وتدعيم حقوق الإنسان والسهر على عدم انتهاكها ووعيا منها بأن هذا لا يتأتى إلا عن طريق خلق وتحسين المساطر الجنائية المعتمدة بالأساس على قرينة البراءة وجعلها كمبدأ أولي من مبادئ المسطرة الجنائية.
    فعلى الرغم من الاختلاف الجغرافي والثقافي للشعوب فقد أقروا بقاسم مشترك يجب أن يطبع المساطر الجنائية من أجل تدعيم الحريات العامة، فمفهوم البراءة وجد أساسا في الاتفاقيات الدولية والإعلانات الدولية وكذا الدساتير والقوانين الداخلية وقبل ذلك وجد أساسه في الشريعة الإسلامية في حديث شريف «ادرؤوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم فإن وجدتم للمسلم مخرجا فخلوا سبيله، فإن الإمام لأن يخطئ في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة»، وفي حديث آخر «ادرؤوا الحدود بالشبهات»( ) وقرينة البراءة مبدء عرفته الإنسانية منذ عهود النور.
    وقرينة البراءة كما سبق القول مبدء عرفته، وفي وقت سابق نص إعلان حقوق الإنسان والمواطن الذي نادت به الثورة الفرنسية 1789 في المادة التاسعة «أن كل إنسان تفترض براءته إلى أن يحكم بإدانته…» وفي العهد الحالي تراكمت الدعوات العالمية لإقرار هذا المبدأ، وهكذا نصت المادة 88 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (10 دجنبر 1948) أن كل شخص متهم بجريمة يعتبر بريئا إلى أن تثبت إدانته قانونا بمحاكمة علنية تؤمن له فيها الضمانات الضرورية للدفاع عنه.
    ثم جاءت الاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان (سنة 1958) لتؤكد هذا المبدأ في المادة 6 معتبرة أن كل شخص متهم بجريمة يعتبر بريئا إلى أن تثبت إدانته قانونيا.
    ثم أجمع المجتمع الدولي على تبني مبدأ قرينة البراءة في المادة 14 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية (16 دجنبر 1966) التي نصت أن «لكل فرد متهم بتهم جنائية الحق في أن يعتبر بريئا ما لم تثبت إدانته طبقا للقانون»( ).
    وإذا كان الإعلان الفرنسي لحقوق الإنسان والمواطن قد استعمل تعبير “كل إنسان” فإن الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية قد استعملت تعبير “المتهم”. ولعل الوضعية التاريخية لحقوق الإنسان كانت وراء اختيار واضعي هذه النصوص للمصطلحين المذكورين، فقد كان هم واضعي إعلان حقوق الإنسان والمواطن هو ترسيخ ثقافة براءة الإنسان في وقت لم تكن فيه حقوق الكائن البشري تساوي شيئا، وكانت حياة الإنسان تسلب وحريته تضيع دون مبرر ولا سبب، ولا شك أن الوضع قد تحسن بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، حيث صارت التعسفات تمارس على المتهمين، أو لنقل أنه أصبح من الضروري إلباس تهمة للشخص من أجل هدر حقوقه، وفي أحسن الأحوال فقد أصبح الشخص المشتبه بارتكاب جريمة مؤهلا لكل أصناف سوء المعاملة لاعتباره لا يستحق معاملة إنسانية. ولذا فإن هذه الطائفة من البشر هي التي أصبحت في حاجة إلى حماية حقوقها المتأصلة من جذور الإنسان، وعلى الأقل إلى أن تنتهي مرحلة الإتهام بإقرار التهمة وإدانة الشخص المتهم، ولذلك وجدنا الإعلان العالمي لحقوق الإنسان سنة 1948 والاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان سنة 1958 ثم العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية سنة 1966 تنص على افتراض البراءة بالنسبة للمتهم، وأما باقي الأشخاص غير المتهمين فإنهم حتما أبرياء بالفطرة وأن برائتهم لا حاجة لإثباتها في نص.
    وقد جاءت بعد ذلك معاهدة نيويورك 1965 المتعلقة بمناهضة التعذيب، وإعلان المادة الأولى لمعاهدة روما 1986 والمؤكدة للمبدء السابق، وفي هذا الإطار ونظرا للمبادرة القيمة والجريئة التي أتخذها المغرب في إطار المصالحة مع الماضي عن طريق تشكيل هيئة الإنصاف والمصالحة التي أسند إليها مهمة جبر الضرر بسبب الخروقات والانتهاكات الخطيرة التي عرفها المغرب في عهد المغفور له الملك الحسن الثاني (1956-19 الفقرة الثالثة: القضاء الفردي
    تفعيلا لدور القضاء الجنائي وحرصا على سرعة وفعالية نظام العدالة الجنائية في معالجة القضايا البسيطة، وأيضا القضايا التي تحتاج إلى سرعة البث كالنفقة وأداء واجبات الكراء وغيرها، تم تبني نظام القضاء الفردي للبث في القضايا التي لا تتجاوز العقوبة المقررة لها سنتين حبسا أو مجرد غرامة على اعتبار أن التي تفوق عقوبتها السنتين يتم النظر فيها أمام القضاء الجماعي لأن مدتها تستهل عناء القضاة عكس الأولى، وإنما نفس الانتقادات التي توجه إلى المشرع تبقى هي نفسها بتمييزه على أساس مدة العقوبة متناسي أن العقوبة ولو لشهر دائما تخلف نفس الآثار.
    وإذا كان نظام القضاء الفردي يعزز الشعور بالمسؤولية لدى القاضي أثناء استعراض وقائع القضية وتكييفها وشعوره بضرورة الإنتاج على نحو تظهر فيه شخصيته ومقدرته. وكما أنه يتيح حسب البعض تفهما أعمق للقضية وإدراكا أفضل لدقائق الأمور والملابسات والسرعة لانعدام المناقشات والتداول والتي تؤدي إلى تأجيل الفصل في القضية فإن سلبياته أكثر من إيجابياته لأن إدانة متهم تتم برأي منفرد يحتمل معه الخطأ خاصة إذا كان القاضي قليل الخبرة، كما أن هذا الأخير هو فرد وعرضة للتأثر بضغوط السلطة وأصحاب النفوذ وهيئة المحامين وهذه ميزة القضاء الجماعي، حيث يحتمون القضاة من الضغوط الخارجية بسرية المداولات بالإضافة إلى أنه يصعب التأثير على عدد من القضاة في آن واحد.99) والتي سميت بسنوات الجمر والرصاص أي سنوات الظلم والعدوان الذي مورس بأبشع صوره من تعذيب وقتل واعتقالات والنفي والطرد الذي مس كل القيم الإنسانية والحقوقية التي نادت بها المجتمعات الدولية.
    انظم المغرب لدى نشأته لهيئة الإنصاف والمصالحة إلى عملية العدالة الانتقالية الغير المسبوقة في المنطقة، وتكمن في رسالة هيئة الإنصاف والمصالحة التي أنشأت في يناير 2004 في حسم مسألة الانتهاكات الحقوقية الجسيمة التي ارتكبت في المغرب منذ سنة 1956، وفي تقرير التوصيات التي تحمل المقترحات الكفيلة( ) بضمان عدم تكرار ما جرى ومحو آثار الانتهاكات واسترجاع حقوق وتقويتها في حكم القانون.
    ب-التوصيات والتدابير السياسية والمؤسساتية التي جاءت بها هيئة الإنصاف والمصالحة من أجل تفعيل مبادئ حقوق الإنسان وتفعيل مفهوم قرينة البراءة.
    ساهمت المتغيرات التي شاهدها المغرب منذ مطلع التسعينات لإعادة فتح ملف الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وبلورة التصورات ومقاربات من مواقع مختلفة للتعاطي مع ملف الانتهاكات لحقوق الإنسان، كما شكل هذا الملف أهم عناوين المرحلة الحالية ومؤشر مقياس مدى وجود إرادة سياسية للدولة للمعالجة السليمة لحقوق الإنسان كمدخل لبناء دولة الحق والقانون.
    لقد أثر التقرير بتنوع أساليب التعذيب التي كان يستعملها المجلدون في مختلف أماكن الاعتقال بين 1956-1999 ومن ضمنها (التعلاق بجميع أنواعه، بالطائرة وغيرها مصحوبة بالضرب المستمر والكي بالسجائر واقتلاع الأظافر والخنق بالماء والإرغام على شرب مواد ملوثة والصدمات الكهربائية والتهديد بالاغتصاب والسب والقذف، والحط بالكرامة والحرمان من النوم وتعذيب أحد أفراد العائلة أمام عين المعتقل أو التهديد بذلك وبالخصوص النساء.
    كما أقر تقرير الهيئة أنه لم يكن التعذيب يمارس من أجل انتزاع الاعترافات بالقوة فقط وإنما كان يستعمل من أجل المعاقبة والانتقام دون حكم قضائي والإذلال الجسدي والمعنوي. وفي سياق هذه الأولى من نوعها، انتهت هيئة الإنصاف والمصالحة التي شكلها العاهل المغربي قبل عامين من تاريخ 7 يناير 2004 أعمالها بإصدار تقرير شامل عن تحقيقاتها، فيما شهد المغرب من انتهاكات لحقوق الإنسان خلال الفترة التي عقبت الاستقلال حتى مجيئ القرن المنصرم وخلصت الهيئة إلى صياغة جمل توصيات تتعلق بجبر الضرر وإنصاف الضحايا، بعضها يشمل على تعويض مادي والتأهيل الصحي للضحايا وبعضها الآخر جبر الضرر على النظام الاجتماعي.
    والأهم أن الهيئة خرجت باستراتيجية تفصيلية اعتمدتها الهيئة وأوصت بها من أجل تحقيق حقوق الإنسان والتي تتمثل فيما يلي:
    1-دعم التأصيل الدستوري لحقوق الإنسان كما هي متعارف عليها دوليا وذلك عبر ترسيخ وسمو القانون الدولي على القانون الوطني وقرينة البراءة والحق في المحاكمة العادلة.
    فعلى الرغم من تعدد الاتفاقيات فلا تعتبر نموذجا للقانون الوطني وإن كانت هذه البنود أي بنود الاتفاقيات تقوم على المحاكمة العادلة المعتمدة على مفهوم قرينة البراءة كأصل. ذلك أن طبيعتها كنصوص قانونية أسست لمحاكمة الأشخاص عن الجرائم الأشد خطورة التي ترتكب في حق بعض مكونات المجتمع الدولي بالإضافة إلى ترسيخ مبادئ قارة من أجل تحقيق حقوق الإنسان واحترام إنسانيته واعتبار كل الأشخاص أبرياء وحالة الإدانة ما هي إلا حالات نادرة يجب معالجتها من أجل الإدماج معتمدة في ذلك على قرينة البراءة كأصل.
    وعلى الرغم من انفرادها بالخصوصيات التي تميزها عن القانون الوطني، كما أن المصادقة عليها وإن كانت تخضع لنفس الأحكام العامة للقانون الوطني وهذا ما استقر عليه الفقه القانوني.
    إلا أن تطبيقها ظل باهتا بالممارسات القضائية بالمغرب بسبب عدم اعتمادها من قبل المشرع في نص صريح، لذلك فإن القليل من المحاكم كانت تؤسس أحكامها على تطبيق هذا المبدأ، وهذا ما أكده الواقع فأن الكثير من القضاة لا يعتمدون على أولويات الاتفاقيات الدولية على القانون الوطني بحيث يطبع تطبيقها نوع من الخجل والتردد من طرف القضاة تفاديا لكل انتقاد أو متابعة. وقد أدى هذا الوضع الرذيل الذي يطبع مفهوم السياسة الجنائية لدى القضاء إلى عدم احترام المبادئ الدولية للحقوق الإنسانية، وهذا ما طبع الفترة ما بين 1956 و1999 فترة الجمر والرصاص. بحيث لو اعتمدت الاتفاقيات الدولية المؤسسة لمفهوم قرينة البراءة كأصل والمناهضة لكل أشكال العنف والتعذيب الذي طبع هذه المرحلة، وهذا ما جعل هيئة الإنصاف والمصالحة من خلال توصياتها الاعتماد على الاتفاقيات الدولية المؤسسة لحقوق الإنسان ومفهوم قرينة البراءة بنص صريح واعتماد بنودها كأثر لتطبيق الإجراءات المسطرية للمتابعة باعتباره مبدأ أساسيا في المحاكمة الجنائية وقيمة من القيم الثابتة في كل القوانين المتحضرة المعتمدة على مفهوم قرينة البراءة.
    2-إقرار استراتيجية وطنية لمناهضة الإفلات من العقاب.
    3-إقرار جملة من الإصلاحات في مجال العدل والأمن والتشريع من أجل تدعيم السياسة الجنائية وتوطيد دولة الحق والقانون، وتتمثل هذه التوصية:
    -إدخال تعديلات على النصوص الدستورية وعلى المؤسسات من أجل تعزيز دولة الحق والقانون.
    -إصلاح المنظومة الجنائية.
    -تعزيز استقلالية السلطة القضائية عن طريق الفصل بين النيابة العامة والسلطة الرئاسية لوزير العدل.
    ب) فصل النيابة العامة عن السلطة الرئاسية لوزير العدل.
    فمن أهم المطالب التي جاءت بها هيئة الإنصاف والمصالحة فصل النيابة العامة عن وزير العدل بحيث أن هذا الأخير، الرئيس المباشر للنيابة العامة، وتأتمر بأوامره، وهذا ما ينص عليه صراحة الفصل 51 من قانون المسطرة الجنائية من الفقرة 2 “ولوزير العدل أن يبلغ إلى الوكيل العام للملك ما يصل إلى علمه من مخالفات للقانون الجنائي وأن يأمره كتابة بمتابعة مرتكبها من ملتمسات كتابية”( ).
    كما تبدو هذه الهمسة من خلال مقتضيات الفصل بين السلط من خلال مقتضيات المادة 3 من المرسوم 23/12/1975 الخاص بالشروط وكيفية تنقيط القضاة وترقيمهم، أن وزير العدل هو الذي يظهر بنفسه على تنقيط الوكلاء العاملين لدى محكمة الاستئناف، ونظرا لهذا الوضع الذي يعتبر من الطرح الجنوني للمشرع المغربي الذي يأخذ بالشمال ما يعطيه باليمين، فوضع النيابة العامة وما أسند إليها من مهام خطيرة تحت السلطة الفعلية لوزير العدل سيجعل منها أداة لتحقيق السياسة الداخلية للسلطة التنفيذية وذلك خروجا من مبدأ الحياد الذي يجب أن تكون عليه الهيئة القضائية، وهذا خرق واضح وصريح لروح العدالة الجنائية التي تنادي بها المنظمات الحقوقية الدولية، وهذا ما أكدت عليه هيئة الإنصاف والمصالحة في تقريرها حول أسباب سنوات الجمر والرصاص.
    ج) التطور التشريعي لمفهوم قرينة البراءة.
    أصل البراءة وأهميته وجد أساسه في كل الاتفاقيات والإعلانات الدولية وكذا الدساتير والقوانين الداخلية وقبل ذلك وجد أساسه في الشريعة الإسلامية، هذا وقد أكدت جل الدساتير الغربية والعربية على هذا المبدأ بالنص عليه، ومن بينها الدستور الجزائري الجديد (28 نوفمبر 1996 في المادة 45).
    أما بالنسبة للمشرع المغربي فقد ظل المجتمع المغربي ينتظر تعديلا جوهريا لقانون المسطرة الجنائية لوقت طويل وارتفعت أصوات الحقوقيين للمطالبة بذلك منذ التراجعات التي عرفها قانون المسطرة الجنائية بتاريخ 18/04/1962 وازدادت المطالبة بحدة في بداية السبعينات في القرن الماضي حتى أضحى المشرع وتحت الضغوط الدولية في ترسيخ حقوق الإنسان وصيانة كرامته –نفسه مقتنعا بضرورة التغيير، وعبر عن إقتناعه بذلك في الفصل الأول من ظهير الإجراءات الجنائية الانتقالية الذي جاء فيه تبقى بصفة انتقالية وإلى أن يدخل القانون الجديد للمسطرة الجنائية في حيز التطبيق مقتضيات الظهير 61-56-1 بتاريخ قانون شعبان 1378
    (10 فبراير 1959) المكونة لقانون المسطرة الجنائية مطبقة، وانتظر المغاربة قرابة ثلاثة عقود لكي يتبنى المشرع قانون المسطرة الجنائية الجديدة رقم 01-22 بعدما كانوا قد استقبلوا بارتياح التعديلات التي أدخلت على بعض مقتضيات قانون المسطرة الجنائية القديم 10 فبراير 1959 بتاريخ 30 دجنبر 1991 و10 شتنبر 1993 والتي استهدفت على الخصوص تقوية الدفاع وتقليص مدة الحراسة النظرية.
    وقد أصدر قانون المسطرة الجنائية الجديدة في وقت أصبح فيه التلازم بين بناء دولة القانون والمؤسسات، وبناء قضاء قوي وفعال ومستقل قادر على حماية المؤسسات وفرص المساواة أمام القانون بشكل الأولوية في السياسة العليا لبلادنا التي تعقد الأمل على قضاءها لكسب هذا الرهان وقد عبر الملك محمد السادس عن هذا الأمل قائلا:
    «إن القضاء واعيا كل الوعي بحتمية هذا الرهان ومؤهلا لاستيعاب التحولات التي يعرفها المغرب، فهو القادر على رفع التحدي ومواصلة رسالته التقليدية المتمثلة في السهر على ضمان النظام العام وتأمين السلم الاجتماعي مستجيبا في نفس الوقت للمتطلبات الجديدة المتمثلة في ضرورة حرص القضاء على التفعيل والتجسيد الملموسين للمفهوم ومضمون بناء دولة الديموقراطية ودولة الحق بضمان سيادة القانون ومساواة الجميع أمامه في جميع الظروف والأحوال».
    ولا شك أن قانون المسطرة الجنائية يشكل قفزة نوعية في مسار تطور بناء دولة الحق والقانون وهو كذلك استجابة لآمال المغاربة المنتظرة منذ أكثر من ربع قرن، إلا أنه وعلى الرغم من الضمانات التي صرح بها من أجل تفعيل قانون المسطرة الجنائية مستندا في ذلك إلى معايير دولية المتمثلة في الاتفاقيات الدولية المنادية لحقوق الإنسان من خلال تفعيل المسطرة الجنائية، فإن هناك العديد من الانتقادات الفقهية الصارخة التي عبرت بأساها على التناقضات التي جاءت بها هذه المسطرة الجديدة رقم 01/22 الرامية إلى تفعيل الضمانات القديمة، بل إن بعض الفقهاء عبروا بأسهم لهذه المسطرة باعتبارها تشكل تراجعا حقوقيا للضمانات التي كانت معتمدة في قانون المسطرة الجنائية القديمة.

    المطلب الثالث: الأنظمة الإجرائية وانعكاساتها على قرينة  البراءة
    تختلف النظم الإجرائية القضائية وتتنوع تبعا لاختلاف الأوضاع الاجتماعية والسياسية للشعوب، وهذا ما جعلها تتباين في تبنيها لنظام معين خاص بها، ورغم تعدد هذه النظم يمكن ردها إلى أربعة أنظمة أساسية:
    يوصف أولها بالنظام الاتهامي، ويوصف ثانيها بالنظام التنقيبي وبوصف ثالثها بالنظام المختلط بالإضافة إلى نظام رابع يهم الشعوب الإسلامية وهو نظام الشريعة الإسلامية.
    هذا، ويدل التاريخ على أن معظم المجتمعات البشرية على اختلافها قد مرت بنوع من هذه الأنظمة حيث طبق فيها، وأن كل منها قد ساد تطبيقه خلال فترة من الزمن، وترك بصماته على المجتمع الذي طبق فيه وعلى المجتمعات المجاورة له ولأهمية هذه الأنظمة في الحياة العملية عامة، رأينا أن نتعرض لها بما يخدم موضوع بحثنا المتعلق بالإثبات الجنائي وبمفهوم قرينة البراءة كأصل ومبدأ يجب الاعتماد عليه لتحقيق العدالة الفردية التي هي جزء من العدالة الاجتماعية، ذلك أن موضوع الإثبات الجنائي لم يظهر إلى الوجود ولم تبرز معالمه إلا من خلال هذه الأنظمة المختلفة وعليه سنقسم هذا الفصل إلى المحاور التالية:
    أ- النظام الاتهامي.
    ب- النظام التفتيشي
    ج- النظام المختلط.
    المحور الأول: النظام الاتهامي
    أولا: البعد الفكري لهذا النظام:
    يقوم هذا النظام حسب تسميته على أن تحريك الدعوى فيه يبدأ باتهام يوجهه المضرور في الجريمة إلى الجاني، وأن الدعوى نزال بين خصمين يقوم فيه المضرور من الجريمة بدور المدعى ويمثل الجاني دور المدعى عليه الذي تقتصر مهمته على موازنة بين الأدلة المقدمة والحكم لمن ترجح كفته دون سعي من جانب القاضي للبحث عن الحقيقة –كقاضي مدني-
    ويعد هذا النظام من أقدم الأنظمة الإجرائية تاريخيا لأنه الأسبق في الظهور( ) حيث طبق في الشرائع القديمة الفرعونية واليونانية والرومانية القديمة كما طبق في فرنسا –مرجع القانون المغربي- ومع ذلك مازالت بعض آثاره بارزة إلى اليوم في مختلف الشرائع المقارنة، ويطبق حاليا في كل من أنجلترا والولايات المتحدة الأمريكية.
    ثانيا: خصائص هذا النظام
    يتميز هذا النظام ببعض الخصائص وهي:
    1- أن الدعوى الجنائية تمر بمرحلة واحدة فقط هي المحاكمة.
    2- أن الإجراءات فيه تتم بصورة علانية( ) وسنوية( ) وفي حضور الخصوم وبمواجهتهم( ).
    3- أنه يترك عبئ الاتهام لنفس المجني عليه( ) أو المضرور من الجريمة أو لأقربائه أو لمن شاهدها ولا تتدخل السلطات العامة في جمع الأدلة لإثبات التهمة( ).
    4- أن يترك أمر الفصل في الخصومة الجنائية لقاضي التحقيق، الذي يختاره الطرفان في بعض الأحيان أو يختار حسب تقاليد معينة في أحيان أخرى.
    5- إن دور القاضي سلبي يقتصر على فحص الأدلة التي يقدمها طرفا الدعوى ثم يرجح جانب أحدهما والقضاء بمصلحته.
    6- أنه يمزج بين الدعوتين المدنية والجنائية، ففي ذات الوقت الذي يسعى فيه المجني عليه إلى تعويض ما أصابه من ضرر بارتكابه الجريمة، فإنه يسعىكذلك إلى إنزال العقاب بمن ارتكب الجريمة.
    7- نظام الإثبات في هذا النظام يخضع لقواعد شكلية، فليس للقاضي أي حرية أو سلطة مطلقة في تقدير الدليل، بل إن الاقتناع القضائي لا يتم إلا من خلال أدلة معينة تقترب إلى الحصر.
    ثالثا: عيوب هذا النظام
    وعلى الرغم من تميز هذا النظام بالمساواة في الحقوق بين ممثل الاتهام والمتهم، وفي اشتراط العلانية الشفوية وحضور الخصوم في إجراءات المحاكمة. وكل هذه الأمور تكفل احترام الحرية الشخصية للمتهم، إلا أنه عيب عليه أنه يهيء السبيل الصحيح للكشف عن الحقيقة. فالقاضي أشبه بالمتفرج فيما يعرضه الخصوم من أدلة وبراهين، وقد تكون كلها غير صالحة أو غير كافية للفصل في النزاع المطروح عليه.
    مما أدى إلى ظهور نظام جديد سمي بالنظام التنقيبي تفاديا للعيوب التي عرفها النظام السابق –النظام الاتهامي-
    ____________________________
    – ظهرت الملامح الأولى لهذا النظام عند اليونان، وطبق في روما حتى نهاية عصر الجمهوري وكانت الإجراءات المستعملة لدى الجرمان لها طابع الاتهامي، فقد كان الشاكي يتوجه بشكوى لجمعية الناس الأضرار، التي يرأسها قاضي منتخب للمرافعات ولكنه لا يفصل في النزاع بنفسه ولا يمكن لهذه المحكمة أن تصدر حكما إلا إذا امتثل الأفراد للاتهام، وكان الدليل الأساسي هو خلف اليمين، وكانت المبارزة بين الخصوم في حضور القاضي أمرا مقبولا، وفي العصر الإقطاعي كانت الإجراءات واحدة في القضايا الجنائية و المدنية، وكانت تتمثل في مناقشة بين خصمين تتميز بالعلانية.
    وكان الاعتراف هو سيد الأدلة، وكانت الأدلة المقبولة هي بذاتها التي تقبل في المسائل المدنية.
    راجع بهذا الخصوص: الدكتور أحمد فتحي سرور “شرح قانون الإجراءات الجنائية”. المجلد الأول، الطبعة الرابعة 1981.
    – تتفق فكرة العلانية –النظرة الديموقراطية إذ مؤداها أن تجري المحاكمة بحضور أفراد من الجمهور وتحت رقابتهم.
    – شفوية الإجراءات كما تتماشى مع ظروف المجتمعات القديمة التي لم تكن الكتابة منتشرة فيها نظرا لطابع الأمية الذي كان سائدا آنذاك.
    – حصول الإجراءات في حضور الخصوم ومراجعتهم يجعل الدعوة الجنائية تتشابه بالدعوى المدنية من حيث أن الطرفين على قدم المساواة ينافس كل منهما مزاعمه أمام حكم محايد.
    -غير أن المضرور في الجريمة كان في أحيان كثيرة يهمل رفع دعواه أو يمتنع –راجع في ذلك- أحذاف محمد “علم الإجرام”. لأسباب منها الخوف من جبروت الجاني أو الرغبة في الانتقام بنفسه، ومنها أن جمع الأدلة تضع عليه عبئا ثقيلا قد لا يقوى على حمله كما تتطلب منه بدل جهد كثير هو في غنى عنه أو إيقاف أموال كثيرة لا يستطيع تدبيرها، ومنها رفض الدعوى، بحيث أن رفض دعوى المدعى تجعله عرضة للقصاص، وهو توقيع العقوبات التي كانت مقررة للجريمة المدعى بها وتكون نتيجة كل ذلك إفلات الجاني من العقاب وهذا يعد عيب من عيوب النظام الاتهامي.
    – فالاتهام وفقا لهذا النظام يكون ابتداء حقا للمجني عليه ثم صار حقا لكل واحد من أفراد عائلته ثم كل واحد من أفراد عشيرته، وصار في النهاية حقا لكل واحد من أفراد المجتمع، ومعنى هذا الاتهام ابتدء فرديا ثم تحول إلى اتهام شعبي أو اجتماعي ولم يعرف هذا النظام سلطة عامة مثل النيابة العامة، وهناك رأي مخالف يقول بأن نتيجة إفلات الجاني من العقوبة في هذا النظام هو الذي جعل بعض الدول التي أخذت بهذا النظام تلاقي هذه النتيجة فظهرت في فرنسا مثلا في القرن الثالث عشر في دائرة كل محكمة طائفة من معاوني العدالة يطلق عليهم الدعاوى مهمتهم تمثيل الخصوم أمام القضاء، كما أحل في منتصف القرن الرابع عشر نظام المدعى العام الذي استقر بصفة نهائية منذ ذلك التاريخ في قانون الإجراءات الفرنسية.
    المحور الثاني: النظام التفتيشي (أو التنقيبي)
    أولا: البعد الفكري لهذا النظام
    يقوم هذا النظام( ) حسب تسميته على تلك الشكلية التي رفعت بها الدعوى إلى القضاء وتسيطر على المرحلة اللاحقة لسير الخصومة الجنائية ألا وهي التحقيق.
    ويقوم هذا النظام على التمييز بين الضرر الذي أصاب المجتمع من الجريمة وبين الضرر الخاص الذي لحق المجني عليه، وبالتالي بين الدعوى الجنائية والدعوى المدنية، فإذا كانت الدعوى المدنية ملكا للمجني عليه فإن الدعوى الجنائية لا تخص سوى المجتمع، فهو وحده الذي له الحق في مباشرة هذه الدعوى وهو يفعل ذلك عن طريق ممثلين له من أفراد السلطة العامة مهمتهم التحري عن وقوع الجريمة والتحقيق مع مرتكبها وجمع الأدلة ضده ثم إقامة الدعوى عليه ليفصل القضاء في أمره، فالدعوى الجنائية في هذا النظام تمر بمرحلتين هما مرحلة التحقيق الابتدائي ومرحلة المحاكمة.
    بحيث للمرحلة الأولى أهمية خاصة فهي غالبا ما تستنفذ معظم الوقت الذي تستغرقه الدعوى، ولا تعدو مهمة القاضي في معظم الأحيان أن تكون استخلاصا لنتائج ما تم في هذه المرحلة، وفي هذا يختلف النظام التفتيشي عن النظام الاتهامي الذي لا يكاد يعرف مرحلة التحقيق، وفي هذا ضرب لمفهوم البراءة كأصل في الدعوى الجنائية لتمر الدعوى بمرحلة واحدة تبدأ برفع الدعوة إلى القضاء عن طريق اتهام يوجهه المتضرر من الجريمة إلى الجاني تنتهي بصدور الحكم فيها دون اعتبار لبراءة المتهم.
    وهذا ما تجدر الإشارة إليه في هذا المقام، أن النظام التفتيشي ارتبط بظهور الدولة، هذه الأخيرة حرصت على فرض النظام في المجتمع، وتبعا لذلك تعتبر من أهم وظائف “توجيه الاتهام” باعتباره الأسلوب الأمثل لفرض النظام والأمن.
    ثانيا: خصائص هذا النظام.
    يتميز هذا النظام عن سابقه بالخصائص التالية:
    1)أنه يترك سلطة الاتهام للدولة التي تتولى وحدها عملية تعقب الأدلة وإثبات الجريمة لفرد من الأفراد.
    2)أن يترك الخصومة الجنائية لقاضي معين من طرف السلطة العامة.
    3)أن الاجراءات فيه يغلب عليها طابع التدوين وعدم العلانية بل والسرية حتى على الخصوم.
    4)هدف القاضي في هذا النظام كشف الحقيقة المطلقة بعيدا عما يقدمه المتهم أو ممثل الاتهام، فالذي يهمه هو الحقيقة غير مقيدة بطلبات الخصوم وحجمهم.
    5)منح هذا النظام للقاضي عند الحكم في الدعوى سلطة إيجابية في جمع الأدلة والبحث عنها تمكينا للقاضي في معرفة الحقيقة بعيدا عن تأثير الخصوم، فكانت الإجراءات الجنائية تخضع للسرية والكتابة، وتتم في غير حضور الخصوم وهي عكس المبادئ التي يخضع لها النظام الاتهامي.
    6)قيد هذا النظام نظام الإثبات بنظام الأدلة القانونية، مما قيد سلطة القاضي في الإقتناع ضاربا بذلك مفهوم قرينة البراء كأصل يجب إعماله في الدعوى الجنائية لتحقيق العدالة الجنائية، ووسع من نطاق اتخاذ إجراءات الإثبات فخصص أكثر من مرحلة لجمع أدلة الجريمة قبل إحالة الدعوى أمام المحكمة، ونشأت بذلك الاستدلالات ومرحلة التحقيق الابتدائي.
    هذا وقد ترتب على هذه السلطات الممنوحة للمحقق أن أصبح من الناحية النفسية معدا للوقوف ضد المتهم، غير متحمس لكشف الظروف التي تكون في صالحه وعدم اعتبار براءة المتهم كأصل أولي إلى أن تظهر إدانته وهذا الأمر يظهر حاليا في القانون المقارن في سلطة الاتهام المخولة للنيابة العامة وسلطة التحقيق المخولة لقاضي التحقيق.
    ثالثا: عيوب هذا النظام
    على الرغم من الضمانات التي جاء بها هذا النظام متداركا بذلك العيوب التي وجهت للنظام السابق –نظام الاتهامي، غير أنه لم يرتقي إلى تحقيق العدالة الجنائية بمفهومها الفقهي.
    وتتمثل عيوب هذا النظام في إسرافه في التركيز على فكرة الحقيقة واتخاذها هدفا للتنظيم الإجرائي، مما ترتب على ذلك أن أصبح للقاضي دورا إيجابيا في تحقيق الدعوى وعدم الاقتصار على المقارنة بين حجج الخصوم، هذا من جهة كما عيب عليه من جهة أخرى أنه أهدر مراكز الخصوم- وغلب مركز على مركز في نظام الاجراءات الجنائية والذي يقوم تنظيم النزاع بين الطرفين أحدهما جاني والآخر مجني عليه ومن يمثله، وأصبح للاتهام طابعه الخاص فاتحا بذلك الباب على مصراعيه لنظام جديد نظام مختلط يتخطى كل التجاوزات التي عرفها النظامين، ومجسدا للعدالة الجنائية تعتمد البراءة كأصل ومبدأ من مبادئ العدالة الجنائية.
    ومرسخا لمفهوم البراءة من خلال إعطاء كل الضمانات القانونية للمتهم.

    هذا النص هو مثال لنص يمكن أن يستبدل في نفس المساحة، لقد تم توليد هذا النص من مولد النص العربى، حيث يمكنك أن تولد مثل هذا النص أو العديد من النصوص الأخرى إضافة إلى زيادة عدد الحروف التى يولدها التطبيق

    الكاتب : yassirrrr

    Aucun commentaire:

    Enregistrer un commentaire

    جميع الحقوق محفوظة ل MarocDroit Avocat
    تصميم : Abdo Hegazy